بجد و بالعقل ..و
بنظرة للجيش و الاقباط كبشر...بعيدا عن المؤسسات - يعنى بعيد عن المجلس
العسكرى و تناوله للازمة من اولها- انا هنا بتكلم عن الفعل الانسانى و رد
الفعل....دايما فى اوقات الازمات الشديدة ذى اللى حصل يوم الاحد الماضى
بطلب من الناس ان تصمت عن التحليل و اصدار الاراء النهائيه فى
الحال....خصوصا ان الجمهور من البسطاء بتفكر من خلال قناعات و افكار و
اقوال سمعوها من الاباء و الاجداد و او من شعارات و نظريات علبها و قدمها
لهم نظام صفوت الشريف الاعلامى طوال 30 سنه...او من خطب شيوخ و قساوسة
اصحاب جاذبيه كبيرة و علم قليل...او حتى من احاديث مشوه مبتورة فى الذاكرة
من ضابط جيش او مسيحى فى قعدة من كام سنه او وقفه فى المترو.
ضابط الجيش او العسكرى اللى كانوا امام ماسبيرو ..ناس بقالها 8 شهور فى
الشارع بيعمل شغل مش بتاعه...يمكن كان زمان بيحسد عليه بتوع الشرطة و فكرهم
مدلعين...لكن بالتجربة ضجر منه و فهم انه لا يملك مفرداته...كان قاعد فى
القاعد او الثكنة او فى اى موقع يأمر فيطاع ...يغضب فيشخط فيرتج له المكان و
يتدافع من امامه لتنفيذ...يأمر هو الاخر فيطيع مهما كان الامر سخيف او حتى
صاحب الامر اسخف....يعنى من الاخر تعود على علاقات انسانيه بسيطه بدائيه
اقرب للالة ...اوامر و ردود افعال متوقعة بالطاعة ...اى شذوذ سهل التعامل
معه بالعقاب او بغيره لتعود العلاقة للاليه المعتادة....و فجأة يجد نفسة فى
الشارع وسط هتافات المؤيدين للجيش و تدخله فى فبراير ...فتأخذه النشوة و
يظن ان الامر سهل ....و ان المهابة واقرة فى النفوس و الاحترام سيأخذ
الجميع فيطيع...وان المدرعة و الدبابة قادره بهياكلها المخيفه المرهبه ان
تردع من تساوره نفسه بالعصيان...اذا فالاشارة بالاصبع تكفى لطاعة و
الالتزام - الموضوع اسهل و الوضع اكثر حريه من العمل الاصلى- قشطدة
يعنى...دى فسحه و راحة.... لكن الامور تمضى على العكس غياب امنى ..فيقوم
بأعمال الشرطه مواجهه سرقات و اعمال بلطجه و مداهمات لاوكار.. حراسة منشأت
- وخاصة ايام المظاهرات - بشد و توتر لم يعهده و هو الذى كان يحرس - ان
قام بالحراسة - فى دوامه مواقع و ثكنات يعرف جيدا انها غير معرضة لاى خطر
او عدو او حتى لسرب من الناموس....ثم يزيد الطين بالة اعتصامات و مظاهرات
فئويه و اسبوعية بالتحرير و غيره من الميادين....و هو فى احتكاكه بجمهور
هذة المظاهرات يأمر بالادب..بالعنف ..بشتيمة فلا يطاع ...فيقابل الكلمة
بالكلمة و الغضب بالغضب و الشتمة بالشتمة ...و يسمع يوميا فى المظاهرات و
الاعتصامات الانتقادات و التطاولات على قادته فى المجلس ..يسمعها ايضا
عندما يعود فى للمنزل على شاشات الفضائيات و البرامج...يقرأها فى الجرائد
فى نوبات الراحة...فيظن انها موجهه له...فتلبسه روح القبيله....شويه مدنين
ما بيطمرش فيهم ...عيال زبالة الواحد منهم لما بيخش الجيش بيعيط و يقول
ماما و بابا عملين رجالة و بيشتموا قادته و ال ايه مش عجبينهم - قادته التى
لا يحلم برؤيتهم و حتى لو كان بيسب لهم فى اعماق على اشياء اخرى داخلية لا
يجرؤ لو رأى احدهم ان ينظر فى عينيه-...يعنى من جنب تانى عيال بيعملوا
اللى ما يقدرش يفكر فيه حتى بينه و بين نفسه....يخنتق تدريجيا من تعقيدات
الحياة السياسية.. من ...من شارع مندفع نهم صعب الارضاء...من حشود تحيط به
من ان لاخر- فتداهمه مخاوف قله عدده و كثرة الحشد - مع اوامر بعدم استخدام
القوة ...فيرتبك و يتشتت و يفتقد العلاقات الالية البسيطه التى تعود
عليها..............ووسط كل هذا يجد من يهمس له فى اذنه من زملاء الشرطه -
الذين باتوا يشاركونه الكثير من المهام- مش قولت لك يا باشا...دى عالم وسخه
متجيش الا بالجذمه....الادب ما ينفعش مع العالم دى...الوساخه و ضرب القفا
هو اللى متربين عليه.....عشان تبقوا تقدروا اللى كنا فيه..............هذة
هى اللحظة الانسانيه التى وصل لها جندى و ضابط الشرطه العسكريه يوم الاحد
عند ماسبيرو....حنرجع لها تانى.
الاقباط
هم ايضا كان لهم علاقات بسيطه...اى مشكله تحصل او مظلمه جرى على العباسية
عند البابا...و البابا بيتصرف مع مبارك اللى هو بيحب المسيحين او على الاقل
بيحميهم - خدبالك من القعدة المترسخه عند جمهور المسيحين فى مصر من
البسطاء - عشان كده القليل الى نزل ايام 25 و 28 يناير - ماهو البابا مقلش
ننزل - لكن الشعور الوطنى بعد ذلك و عظمة الموقف دفع بالكثيرين منهم
لانضمام لصف المصرى فى حشود الميادين ...و خصوصا اللى فاهمين ووعين منهم
...اما السواد الاعظم فقبع فى البيوت مع مثيله من حزب الكنبه من المسلمين
يتابعون الموقف بذهول و ترقب....كان نتيجه الموقف دا - سقوط مبارك - ان فقد
البابا ميزته السياسيه....ووجد حزب الكنبه من المسيحين انفسهم فى
حيرة...امال مين اللى حنروح له لطلب او مظلمه.....انقذهم من ذلك جمهور
الواعيين من المسيحين الذين شاركوا فى الثورة و الذين بادروا لتحرك فى
مطالبهم و مظالمهم فى مظاهرات الى ماسبيرو - بدلا من التحرير- نحو الدوله و
ليست لكنيسه ..فندفع ورائهم الباقيين من اصحاب المظالم والمطالب الى
ماسبيرو ..الحل الجديد...و هو الحل الذى كنت ولا زلت اره من اعظم فوائد
الثورة حيث انتزع المسيحى المصرى من احضان الكنيسة حيث نظام المله القديم
الى جسد الدوله الواحد و نسيج الوطن الواحد و الطريقه الواحدة لطلب
الحق....الا ان الامور لم تسر كما يرغب المرء..و الاحداث توالت مندفعه
تحمل معها مشاهد غير معتاده...مشاهد مفزعه لجمهور مسيحى مصر ...هدم كنيسه
ثم نيران تلتهم اخرى ..قطع اذن و اقامه حدود ...حوادث فرديه لا تنتهى على
صفحات الجرائد..بلا متهم واضح و صريح يقدم للقضاء ....و مظاهراتهم و
اعتصامتهم - حيث الحل الجديد - تقابل بالبرود و محاولات التهدئه ...ثم
الوعود بالدراسة و التعهدات بحل سريع ....ثم لاشىء....حتى جو التفاؤل بعد
الثورة بعالم جديد و بلد يعطى الفرصة للاكفاء و القادر بعيد عن التميز
..يتبد مع انتهازيه الحركات السياسية و صياح المتشددين من التيار
الاسلامى...و تصدر الاسلاميين من من خرجوا توا من السجون لمشاهد المكلمه
الاعلاميه....حتى الليبرالين و العلمانيين - معقد الامل الاخير فى كتله
تناصرهم و تهتم و تحس- رضخوا للواقع السياسى فدخلوا فى تحالفات مع
الاسلاميين و اكتفوا بالمعارضة الايدولوجية على الشاشات و على اعمدة
الصحف...و ها هى الانتخابات تطرق الابواب و لا وعود تتحقق و لا تعهدات
تنفذ...و التيار الاسلامى المريب يبدو فى الصدارة..فيزيد الرعب و تتأجج
المخاوف....اذا كان العسكر بيطنشوا و ما بينفذوش حاجه من وعدهم امال لو جت
حكومه من غالبيه اسلاميه حيبقى الوضع ايه.....و هنا ينظر المسيحيين للامر
نظرة ضيقه فجمهور الشعب مسلمين و مسيحيين تم تطنيش مطالبه فلا حد اعلى و لا
ادنى للاجور و لا عزل سياسى و لا احكام على رموز الفساد ولا محاسبه و
تحديد متهم على قتل الشهداء ولا .. ولا.. و لا..لاشىء للجميع سوى انتخابات
نزيهه مشكوك فى نزهتها بدخول فلول الوطنى و حتى بالاحزاب التى لم تعد تعبر
لا عن الثورة ولا على الشعب بجميع طوائفه....و لكنه الخوف الانسانى الذى
يجعل الفرد ثم المجموع فى حاله توحد ...المجهول القادم الذى يورث الانانيه و
الرغبة فى النجاة للانا و الاحباب معى - وهو امر انسانى مقبول على حال - و
كما حدث مع افراد الجيش يحن المسيحين للعلاقه البسيطه و يترحمون على مبارك
و دور الكنيسه...ثم تأتى الاخبار من اسوان بين مكذب و مصدق بلا توضيح
حكومى رسمى....و تتصدر الكنيسه الموقف مرة اخرى منتهزه الفرصه متمثله فى
صغار القساوسه - هولاء هم الجانب المتشدد الذى استاء من ضياع دور الكنيسه -
و الذين تصدرت تصريحاتهم المتشدده و المتجاوزة فى بعض الاحيان الصحف و
فديوهات اليوتيوب...فيجرى الاعداد للحشد فى جو من العصبيه و نفاد الصبر و
ينضم المتشددين بطبيعه الحال للحشد من منشيه ناصر و غيرها - خوفا من
مناوشات من السلفيين و الاسلاميين تعترض المسيرة - و هو الامر الذى لشده
الغرابة لم يحدث على عكس المعتاد من وجود مسيرة مضادة - و يتجاهل الجميع
نزر العصبيه و العنف التى بدت فى تصرفات الجيش فى فض الاعتصام السابق و يتم
تناولها فى سياق العنصرية الدينيه و لاشىء سوها فتشدد الاوتر المشدوده
اصلا و لكن فى الاتجاه الخطأ ....الجيش.....هذة هى اللحظه الانسانيه التى
كان عليها حشد مسيحى مصر- حيث اختلط نفاد الصبر بالغضب من التجاهل.. و
اليأس بالخوف من ضياع الفرصة للابد - يوم الاحد عند ماسبيرو.
قد يذكرنى احداهم بلمحة اخرى اضيفها للجيش و هى ....و كمان المسيحيين
عايزين ايه...او ان عنف الجيش كان يجد من يحلل لنفسه بأنهم كفرة حلال فيهم
الهرس - و هو امر وارد على اى حال عند احتدام العنف الا انه لم يكن السبب
فى بدء المعركه او رد الفعل العنيف من الجيش- لكن الصحيح فى هذة اللحظه ان
افراد الجيش كانوا اشبه ما يكون بضباط و افراد الامن المركزى يوم 28 يناير -
وهولاء اطلقوا النار و ضربوا و هرسوا و فرموا كل من كان امامهم مسيحيين و
مسلمين بلا تميز...نفس العصبيه و الضيق بأرهاق ايام 25 و 26 و 27
يناير.....بلا ان الجيش يتشابهه معهم ايضا فى غياب الاوامر بتعامل مع
الموقف.
هذه هى حال الجمعان
يومها....من تحليل انسانى بشرى.....بعيدا عن اخطاء الحكومه و المجلس و
تقاعسهم عن الحل المبكر و الاحتواء و تنفيذ التعهدات...بل و بعيدا عن من
اطلق النار و من كان البادىء بالعنف .
نحن هنا فى لحظه اشبه ببدايات الثورة او للدقه نحن فى يوم 28 يناير.....و
لكن الكارثه ان الطرفان شديدى الخصوصيه....و بدلا من الشعب ضد النظام - فى
يوم 28 - اصبح طائفه واحدة من الشعب ضد ما تبقى من الدولة فى يوم 9
اكتوبر.
من البادىء بالعنف من
الطرفان....و هل هى ايدى خارجيه او داخليه - وهو الاحتمال الذى يؤكده
الجميع خوفا من عداء اى طرف او القاء اللوم على اى طرف - فان ما وقع كان
سيقع لا محال............فلا عجب و لادهشه .........و لنحمد الله على
انتهاء الامر - حتى الان - على ذلك و الا كنا الان نتكلم ...ليس عن ضياع
الثورة و لكن عن ضياع الدولة و البلد .
محمد عبد المحسن
القاهرة
13/10/2011