جالسا و امامه حسابات وسجلات الشركه الاستثماريه الكبرى...يرفع
راسه...يختلس النظر لزميله عادل الذى يصلى العصر اماما وخلفه محاسب الشركه و
مديرها المالى....يشعل سيجاره -التقطها لا اراديا من علبه سجائره المختفيه
بجيب سترته الداخلى- مترجعا بمقعده الى....يسرع فيطفىء السيجاره
بابهامه....يردها الى العلبه مسرعا.....انه شهر رمضان.....صحيح انه مسيحى
الى انه تعود ان يحترم مشا.....اهو يحترم حقا شعور الاخر...امام انه الخوف
من نظرات الشذر.....او الخشيه من اعلان المله وسط جو التطهر و الزهد الذى
تمارسه الاغلبيه فى هذا الشهر...... و بسيجاره...المنكر-سمع هذا الوصف من
خطبه لاحد شيوخ الكاسيت بسياره اجره كان يستقلها-الذى يمارسه الاغلبيه منهم
باقى شهور السنه....بل بعد الافطار ايضا.
و لكنه الشهر الكريم.....و
هل كان وجوده مع عادل زميله بمصلحه الضرائب لمراجعه حسابات هذه الشركه
الكبرى و تحديد الضريبه عليها الا بسبب روح القداسه و التطهر لهذا الشهر
الكريم
- - واشمعنى الشركه دى بالذات اللى عايزنى معاك فيها...منتا فى الغالب بتنزل لوحدك الشركات الكبيره
- - الشهر الكريم بفى يا نبيل
- - مش فاهم....كريم يعنى حتكرمنى معاك و تدخلنى فى الاتعاب-الرشوه سابقا.
كان
هو وعادل من انصار فكره الدخل الموازى من نفس مصدر العمل.....و لم يتم
التعارف على وحده الميول فيما بينهم اول الامر بالمصارحه ....ولكنهم كما
يقولون الذئاب بتشم بعض.
- مش النظريه....بس.....بس انا مبحبش اطلب حاجه من الشركات فى رمضان
- تطلب ولا تاخد........................................................
نعم فعادل قرر ان يتوقف عن طلب الاتعاب فى رمضان....الا انه لن يتوقف عن اخذها خلال الشهر
-منتا عارف بقى.......رمضان مصاريفه كتير...دا غير العيد و لبسه و كحكه.
يجد فى الطلب حرمانيه فى شهر الصيام .....لذا فلابد من اخر يطلب عنه حتى ولو دخل القسمه....المهم متفوتش الشركه الكبيره.
-ياعم وانت حيفرق معاك رمضان......منتا مسيحى.
-يا سلام......هى مش حرام عندنا برضوا
يداعب ذقنه و هو يحدق متاملا زميله عادل و هو يقرب من انتهاء صلاته.
-ايوة حرام.................يصيح مدحت اخوه الذى يتطوع بالعمل شماس بكنيسه العذراء.
-انا باخد حقى ........ولا انت مش شايف الظلم اللى احنا فيه .
-تقوم تظلم انت كمان......الرب ما بيقولش كده.
لا تتكًلو على الظلم................سفر المزامير(12:10)
لا تعتدوا باموال الظلم فانها لا تنفعك شىء يوم الانتقام......سفر يشوع(10:15)
كل رشوه و مظلمه تمحى والامانه تبقى للابد...سفر يشوع(12:40)
هاكذا
يردد الاب فى مدارس الاحد-فاصل التعذيب الاسبوعى- التى تحرص زوجته على
حضورها هى وهو و الاولاد....زوجته التى يحرص ان تظل بعيده عن ما
يفعل.......ولا تشاركه حتى المعرفه-رغم انها تشاركه نفس العمل-.........وهل
يجرؤ على اخبارها او حتى الاعتراف امام الاب فى الكنيسه بأثمه و خطيئته.
اى
اثم...اى خطيئه.......انه الحق.....او يطمح ان بقى شريف اليد ان يعتلى
السلك الوظيفى فى بلد كهذه......ام تراه ينل التقدير و الاحترام من اغلبيه
تره كافرا.
-و انت بيفرق معاك صاحب شركه مسيحى ولا مسلم.....منت بتاخد من الكل(مدحت اخوه متهكما).
و هل الاغنياء منا........و متى كان للغنى دين ولا للمال مله.
-احنا لا ناخذ شىء غصب...هما بيدفعوا راضيين عن طيب خاطر.
قالها
له عادل فى مناسبه لا يتذكرها....صًدق.....المظلوم يرفض و الظالم يدفع عن
طيب خاطر ليدار ظلمه....يدفع ليستمر....و نحن ناخذ الفتات.....ما تبقى من
كئوسهم....فضلات اطباقهم.....انه الدعم الذى يصل لمستحقيه و لكن بصوره
اخرى.....انه التوزيع العادل لثروه....لا بل للنعمه......البعض يكون
الاغلبيه والسلطه.....و البعض يحصل على المال......و نحن ناخذ بشراشيب
السلطه من اجل القليل من المال-عبارته البليغه التى يرددها لنفسه كلما
داهمته ألام التهاب ضميره-.
من يتكلم من نفسه يطلب مجد نفسه....و اما من يطلب مجد الذى ارسله فهو صادق ليس فيه ظلم.....(انجيل يوحنا 18:7).
اللعنه
على دروس الاحاد وعلى زوجته وعلى اخوه و على عادل.....بل اللعنه على منطق
الضعفاء الذين لا يجدون فى دنياهم سوى الجبن والخوف طلبا للمجد فى
الاعالى...يجز على اسنانه و يحتقن وجه.
يجلس عادل بجانبه بعد ان فرغ من صلاته.....يميل على اذنه بشكل يبدو عفوى.
-مبلم كده ليه.............لقيت فى الدفاتر حاجه تستاهل .
يهز راسه ان نعم .
-تمام ...بقولك.....الراجل المدير المالى ناوى يمسك فينا على الفطار.
ينظر الى عادل مستفهما وهو يحاول ان ينزع نفسه من اثار تفكيره السابق.
-كنت بقول... لا تلمح ولا تطلب حاجه الا بعد الفطار....هه......عشان الصيام يعنى...انت فاهم.